أسطورتي ..
اليوم عشت أسيرًا
لذكراك الخالدة ,
مقيدًا بأوتارها ,
رهينًا في سجون أطلالها .
تعطلت آلات التفكير عندي وذابت أمواج الشعور
لدرجة أن الشعر تضاءلت سطوته لصالح الموسيقى ,
تلك الموسيقى العذبة الخالصة
التي لا تحمل أي لحن سوى لحنك أنتِ ,
ولا تصدح بأي نغم سوى أنغامك أنتِ ,
ولأول مرة أكتشف جلال الأوتار
بل جلال ذكراك
من خلال المقدمة الوترية الرائعة
لأغنيتنا المشتركة الأكثر روعة وجمالا .
كنت أردد المقطوعة الوترية مرارًا وأدندن بها ,
وفي كل مرة أجد حنينا ودفئا
وشيئا غامضا يشدني إليكِ ..
إلى الماضي .. إلى الرقة .. إلى العذوبة ..
إلى الرومانسية الحالمة ..
حتى تعبت ونزفت الجراح المتجمدة
منذ رحيلك الدامي .
وفي لحظات النزف جاءتني دعوة
للتنزه على شاطئ البحر
أو الانعتاق من قيدك الذي لا أعرف كيف أصفه ..
ضحكت ولكنني ذهبت بغير رغبة حقيقية
مع أمل خفي في أن أنساك وأهرب منك ..
وخاب أملي ولكنها خيبة حلوة لذيذة
لأنك كنت معي في ذلك الشاطئ ,
بل لم يكن أحد غيرك معي .
كانوا هم وهما وسرابا
وكنت أنتِ الحقيقة والمطر .
والغريب أنك رجعت معي
ولم يرك أحد إلا عيون قلبي ,
ورغم ذلك أتألم ..
وربما لهذا السبب أتألم ,
لأنه يخيل إلي أحيانا أنك لست معي .
لا تؤاخذينني فربما كنت أهذي ,
وربما أكون الآن في حالة غريبة
لا تسمح لي بأي شيء غير الهذيان ,
وهي حالة تنتابني من حين لآخر منذ رحيلك ,
فتتعطل جميع مداركي
وأنصرف عن أبحاثي وتأملاتي وأشعاري ,
وأغرق في بؤرة صغيرة متناهية في الصغر ,
كالنجمة البعيدة الغارقة
في أعماق السماء وظلام الكون ,
فلا أرى شيئا سواها ,
وسرعان ما تأخذ في الاتساع والامتداد
حتى تغطي الأفق من أمامي ومن خلفي .
هذه البؤرة هي أنتِ يا حبيبتي ,
وهذه هي المعضلة الكبرى في حياتي .
وهي تنتمي إلى المعضلات التي لا علاج لها ,
مثل بعض الأدواء التي لا دواء لها ,
بل هناك مسكنات تخفف الألم
حتى يلقى صاحبه وجه الكريم .
هل أبدو لك أنني متشائم ؟! ..
كلا , لست كذلك ,
فمن يعرفك يوما أو ساعة أو لحظة
تفر هذه الكلمة من قاموس حياته ,
فكيف بمن عمره مرتبط بك
ومقيد بعالمك , بروحك , بذكرياتك ؟! ..
لم أصدق يوما أنكِ رحلتِ ,
فالأساطير لا ترحل عن دنيا البشر ,
وأنت أسطورتي الخالدة .
الآن أريد أن أتحرر من قيودك
بينما روحي تريد بقوة أن تطير إليك .
أرأيت :
أريد أن أتحرر منك لكي أتقيد بك مرة أخرى ؟! ..
فلماذا هذا العناء ؟!
ولماذا كان الرحيل أصلا ؟!
لم لا تبقين بجواري على طول المدى ؟! .
صرت أتساءل كثيرا ,
بل صارت حياتي كلها تساؤلات
وانتظار وترقب لشيء مجهول .
كنت في السابق
أظن نفسي حكيما وفيلسوفا
وكنت مغرورا
لأنك كنت بجانبي
تقفين معي
وتشدين على أعصابي ورباط أحلامي ,
أما اليوم فأنا وحيد وغريب وعلى حافة الأمل ! .
اكتشفت حالا سبب حالتي ..
فاليوم ذكرى ميلاد حب كبير
لم يشهد الكون له مثيلا ,
وبدلا من أن تضاء الشموع
خشعت أصوات الدموع